قبائل آنكا تُرابط بالجبل ضد تفويت حكومة بنكيران أرضا مُحَبَّسَة إلى القباج
في بلاد بني ماجر وبالضبط في الجماعة القروية خميس آنكا، حوالي 40 كلم شرق مدينة آسفي، الناس طيبون على سيرة أجدادهم الشرفاء المرابطين الماجريين، القبائل هنا تعيش على الرعي والفلاحة وبما تجود به السماء، تجمعهم رابطة التصوف ويوحدهم نسبهم للولي الصالح سيدي امحمد الزموري الماجري، الذي يعتلي بضريحه قمة جبل بني ماجر الذي فوتته حكومة بنكيران إلى الملياردير القباج، صاحب شركة «إس جي تي إم»، ليحوله إلى مقلع ضخم للأحجار ويزود به صفقة مشروع ميناء آسفي الجديد الذي فازت به شركته.
حرمان بالجملة
الساكنة هنا لا تفهم كيف أنها محرومة من كل وسائل وضروريات العيش الكريم، حيث لا إنارة ولا ماء صالح للشرب ولا انترنيت ولا فرص للشغل ولا مدارس، وحتى المحطات الإذاعية لا تلتقط على أرضهم، ومع ذلك لما أرادت حكومة بنكيران أن تتذكرهم، قامت بكل الوسائل المتاحة من أجل سلب ملكيتهم على أراض شاسعة تمتد على أزيد من 90 هكتارا، وفوتتها لصالح الملياردير القباج ليحولها إلى مقلع ضخم للأحجار، في حين أن صفقة مشروع ميناء آسفي الجديد تنص على أن شركة القباج ستشتري ما تحتاجه من الأحجار من المقالع المرخص لها والموجودة على كافة التراب الوطني.
تفويت أرض محبسة
حين نزل خبر تفويت أزيد من 90 هكتارا من أراضي جبل بني ماجر لصالح الملياردير القباج ليحولها إلى مقلع ضخم للأحجار، خرجت القبائل لتستنكر هذا الترامي على أرض أجدادهم، وحصلت «الأخبار» على وثائق تاريخية تثبت أن الأرض التي فوتتها الحكومة إلى الملياردير القباج ليست سوى أرض محبسة على أحفاد الوالي الصالح سيدي امحمد الزموري الماجري، وهي أرض تشتمل على عشرات الآلاف من أشجار الزيتون والأركان واللوز والخروب، وتستعملها القبائل وحفدة الولي الصالح لرعي الماشية ولزيارة الضريح وإقامة المواسم الدينية.
وخلال زيارتنا للمنطقة التي تعيش خارج كل برامج التنمية البشرية ومخططات الحكومة لمحاربة التهميش والعزلة، أشار السكان أن الحكومة التي توصف بـ «حكومة الإسلاميين»، وحكومة وصلت إلى السلطة على ظهر شعارات محاربة الريع وإسقاط الفساد، هي نفسها التي فوتت أرضا ليست في ملكيتها باعتبارها أرضا محبسة منذ سنة 1929، على حفدة الولي الصالح سيدي محمد الزموري، لتكون مقلعا ضخما للأحجار لصالح الملياردير القباج، والفضيحة الكبرى هي أن تلك الأرض تشتمل على مقابر تاريخية لمرابطين ضد الاحتلال البرتغالي لآسفي، ولمغارات أثرية ولضريح وآبار وخيرات طبيعية، وكانت تعتبر محطة لركب الحجاج منذ القرن الثاني عشر الميلادي، واستعملت كمحطة مراقبة للقوافل التجارية الرابطة بين مراكش وسوس، وخلوة للمتصوفة منذ عهد المرابطين حتى اليوم.
طرق استثنائية لترخيص استثنائي
مصادر «الأخبار» أكدت أن الترخيص للملياردير القباج تم بكل الطرق الاستثنائية الممكن تصورها، وأن الوزير الرباح كان وراء التسريع بهذا الترخيص بتنسيق مباشر مع كبار مسؤولي ولاية آسفي والسلطات المحلية، لكن الخطير بحسب وثائق رسمية، هو أن لا أحد اليوم سواء في حكومة بنكيران أو بولاية آسفي أو لدى شركة القباج، يستطيع أن يدلي بوثائق تثبت ملكية الأرض التي فوتت لتكون مقلعا ضخما للأحجار، خاصة وأن السلطات المحلية قدمت جمعية الولي الصالح سيدي امحمد الزموري، كمالكة للأرض وأبرمت مع شركة القباج عقد كراء بسومة شهرية لا تتجاوز 2500 درهم شهريا، وهو الأمر الذي علق عليه حفدة وساكنة المنطقة بكونه «أكبر عملية نصب تتم بمباركة الحكومة والسلطات المحلية»، بحسب تعبيرهم.
لكن الخطير في هذه العملية هي أن جمعية الولي الصالح سيدي امحمد الزموري، هي جمعية مدنية ليس من أهدافها البيع أو الشراء أو الكراء أو التصرف في ممتلكات ضريح سيدي امحمد الزموري، وأن قانونها الأساسي الموضوع لدى السلطات المحلية يؤكد ذلك، في حين أن الأرض التي يوجد عليها الضريح والتي تمتد على العشرات من الهكتارات من جبل بني ماجر وحتى السفوح والهضاب المجاورة له، والتي فوتت بطرق ملتبسة لصالح شركة الملياردير القباج ليحولها إلى مقلع ضخم للأحجار، هي أرض محبسة ولديها رسم ملكية مسجل عند قاضي آسفي وعبدة، السيد محمد بن العربي الدكالي، يوم 2 دجنبر من سنة 1929 بكناش 94 صحيفة عدد 2294.
وثائق الوقف
تشير وثائق الملكية والحبس الوقفي إلى أن حفدة الولي الصالح سيدي امحمد الزموري وهم الحاج فتحا بن علال بن أحمد العامري النكاوي وعمته هنية بنت علال وشقيقتها الغضفة وزهرة بنت مبارك بن علال وأختها فاطمة بنت مبارك وأحمد بن اخلف بن الطيب وأشقاؤه وعلي بن الجيدي وعلال بن علال الكعجول وأحمد بن فاتح وحم بن علال بن الحسين والفاطمي بن علال، أنهم «شهدوا جميعا شهادة الطوع والرضا منهم أنهم حبسوا على الزاوية الكريمة المشرفة العظيمة مسجدها وقبتها وحصائر فراشها ومصابيح سراجها في إصلاحها وإصلاح مدرستها ومصارف طلبتها وأجرة معلم صبيانها إلى غير ذلك جميع الأرض المنسوبة لهم وغير ذلك من مطافئ وكهوف ومطامر وأمغير، حبسا مؤبدا ووقفا مخلدا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، فمن بدله وغيره فالله حسيبه ومتولي الانتقام منه وإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم»، بحسب نص الوثيقة العدلية التي تثبت الصفة الحبسية للأرض.
وتفيد وثيقة الحبس الوقفي للأرض كافة حدودها شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، كما يتوفر حفدة الولي الصالح سيدي امحمد الزموري على ظهير توقير موقع من قبل السلطان العلوي المولى سليمان يحمل تاريخ سنة 1803. وأجاز لهم السلطان التصرف في أرض جبل بني ماجر، في وثيقة تحمل توقيعه وطابعه السلطاني، ورغم كل هذه الوثائق التاريخية التي تثبت أصل ملكية الأرض، فقد تم مع ذلك تفويتها وهي أرض محبسة إلى شركة الملياردير القباج وتم حشد جميع السلطات المحلية لتأطير هذا التفويت ومنع السكان من الاحتجاج وحوصروا في بيوتهم وتم تهديدهم ولفقت لهم متابعات قضائية.
عزلة وحصار
تفيد تصريحات الساكنة أنهم يعيشون منذ سنة في عزلة عن العالم وتحت وقع الحصار من قبل عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة والسلطات المحلية والجماعة القروية، وأنهم يتعرضون للترهيب والضغط للقبول بالأمر الواقع والتزام الصمت أمام تفويت أرض أجدادهم المحبسة إلى الملياردير القباج، وقال هؤلاء إنهم يواجهون من قبل السلطات المحلية بأنهم يعترضون مشروعا ملكيا، في إشارة إلى بناء الميناء الجديد لآسفي، مضيفين أنهم لا علاقة لهم بالمشاريع التي فاز بها القباج، وأن ما يهمهم هو عدم الاستيلاء على أرض أجدادهم التي بها مقابر وأشجار وضريح وآبار ويستعملونها أبا عن جد في أعمال الرعي والزراعة وإقامة المواسم الدينية وللخلوة والتصوف.
انطلاق الاحتجاجات
شهد سفح جبل بني ماجر صباح يوم الاثنين 17 نونبر الجاري، تجمعا حاشدا لنساء وشيوخ وأطفال قبائل بني ماجر وحفدة الولي الصالح سيدي امحمد الزموري، ورابط المئات هناك رافعين الأعلام الوطنية وصور جلالة الملك، مستنكرين الاستيلاء على أرض محبسة عليهم من قبل أجدادهم، وتفويتها إلى الملياردير القباج، مشيرين في الآن نفسه إلى خطورة ما سيقع في حال تشغيل المقلع خاصة تغيير الهندسة الطبيعية للهضاب والقضاء على تضاريس طبيعية والآلاف من أشجار الزيتون واللوز والأركان والخروب، مطالبين بفتح تحقيق نزيه ومستقل في عملية الترامي على أرضهم ومحاسبة كل من ساهم في تفويتها، وأن معركتهم الحالية هي إيصال صوتهم إلى مراكز القرار وإلى الرأي العام وفضح نفاق الحكومة وتنصلها من شعاراتها، واستعمال سلطاتها التنفيذية لخدمة أصحاب المقالع وتدمير المجال الغابوي والترامي على أراضي الحبوس والمقابر والأضرحة وتحويلها إلى مقالع أحجار خدمة لأرباح الشركات العملاقة، قائلين بصوت واحد «إلى بغى القباج يبني المرسى الجديدة يمشي يشري لحجر من المقالع المرخصة.. .ماشي يتعدى على الأحباس ويحوز أرض ماشي ديالو»، في وقت حملوا فيه المسؤولية لحكومة بنكيران وللسلطات المحلية والمنتخبين الذين تنصلوا لهم، مضيفين بأعلى صوتهم: «هادا عار وهادي أكبر فضيحة... حكومة بنكيران تفوت أرضا محبسة بها ضريح ومقبرة للملياردير القباج باش يطحنها ويرجعها حجر.. .فين كاين شي ظلم بحال هادا.. .هادشي تعدى الحدود وعاش الملك».
منقول من جريدة "الأخبار"
تعليقات
إرسال تعليق
" وَ أنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ "
أخي أختي لايلهك الإبحار في الإنترنت عن الصلاة المفروضة في وقتها وعن صلاة الجماعة
النسخ ممنوع يمكنك نسخ الرابط في الأعلى للموضوع ومشاركته في الفيسبوك وغيره من المواقع
كما يمكنك مشاركته على الفيسبوك بالضغط على زر " F " الموجود أسفل المشاركة